من الممكن أن تكون قد رأيتها ولكنك لم تسمع باسمها لغاية الآن، تلك الأساور البلاستيكية الملونة التي أخذت بالانتشار في الآونة الأخيرة في أوساط تلاميذ المدارس صبيانا وبناتا، في البلدان الغربية والشرقية، وتعدت كونها أساور يصنعها الصغار بأشكال مختلفة لتكون إكسسوارا لا يفارق معصم المشاهير والملكيين، فهذه الأساور يطلق عليها اسم «لوم باندز» (Loom Bands) والتفسير في التسمية، فهي تصنع من خلال شبك حلقات بلاستيكية بألوان مختلفة على لوح بلاستيكي مدبب أشبه بالنول، فتحاك تلك القطع الصغيرة التي تباع في أكياس منفصلة فيها مئات القطع ومن ثم تختار الشكل واللون لتصنع منها سوارا مميزا يزين معصمك.
وما لا يعرفه كثيرون هو أن هذه الموضة التي تراها تكتسح العالم الغربي والعربي ليست بجديدة، لأن ابتكارها يعود إلى رجل ماليزي اسمه شيونغ شون Cheong Choon ويبلغ من العمر 45 عاما ويعيش حاليا مع عائلته في الولايات المتحدة الأميركية، ابتكر النول الصغير وفكرة الأساور، منذ أربع سنوات بعدما كانت تصنع ابنتاه سوارا من المطاط ولكنه لاحظ بأنه من المستحيل مساعدتهما بصنع السوار لأن حجم أصابعه كبير ولا يمكن تمرير القطع المطاطية حولها لربطها بعضا ببعض، فجاءته فكرة النول البلاستكي، وعندما رأى أن فكرته قد تلقى استحسانا طورها وأنفق كل مدخراته، نحو 10 آلاف دولار، بهدف تطوير النول في الصين بسعر أرخص. وبدأت عدة الـ«لوم» تباع في الأسواق في عام 2011 بسعر 10 دولارات.
واليوم وبفضل الإقبال العاصف على شراء أكياس دوائر المطاط الملون استطاع شون تحقيق ثروة هائلة تقدر بـ80 مليون جنيه إسترليني (نحو 120 مليون دولار أميركي)، وأصبحت تلك الدوائر متوفرة عند كل زاوية من زوايا أي شارع في أي مدينة حول العالم، ففي لندن يباع الكيس الذي يحوي نحو مائة قطعة بجنيه واحد (نحو دولار ونصف)، ويبدو أن هذه الموضة لن تنطفئ قريبا، ويعتبرها الأهالي ابتكارا رائعا يلهي الأطفال عن الألعاب الإلكترونية وتمضية ساعات طويلة أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، كما أن التلاميذ أصبحوا يتحدون بعضهم في ملاعب المدرسة لصنع أجمل وأطول سوار، وبالفعل شهدت إنجلترا نهاية الفصل الدراسي في يوليو الماضي مسابقة تنافست فيها عدة مدارس للحصول على لقب أفضل سوار مطاطي. ولا يقتصر وضع السوار على معصم الأطفال والتلاميذ والأهالي، تشجيعا منهم لفلذات أكبادهم، إنما انتقلت هذه العدوى إلى معاصم الأمراء وأصحاب السمو الملكي مثل كيت ميدلتون دوقة كمبردج وزوجها ابن ولي عهد بريطانيا الأمير وليم وشقيقه الأمير هاري، وبدت أيضا المغنية مايلي سايروس أخيرا وهي تزين شعرها بأساور الـ«لوم» بألوان تتناسب مع شخصيتها المجنونة.
ولكن وعلى الرغم من النجاح والثروة التي حققها شيونغ شون إلا أنه رفض تغيير نمط حياته، فهو يعمل مهندسا في شركة «نيسان»، وعندما خطرت على باله فكرة الـ«لوم» كان يصمم حزام أمان جديد لشركة السيارات المذكورة، ولغاية اليوم يرفض شون الانتقال للعيش في منزل آخر، وعندما سئل عن مشاريعه المستقبلية أجاب بأنه إنسان متواضع وسعيد بما هو عليه وبالمنزل الذي يسكنه، وقد يشتري مركبا عندما يتقاعد من عمله ليذهب فيه في رحلة صيد. وأضاف أن الأهم هو أن ثروته تخوله من تقديم مستقبل دراسي جيد لابنتيه.
ومنذ أن انتشرت ظاهرة الأساور المطاطية، طالتها عناوين إيجابية وسلبية في الصحف الغربية، الإيجابية تكمن في تحفيز الصغار على استخدام مخيلتهم والابتعاد عن الإدمان الإلكتروني، من جهة أخرى كانت هناك حوادث قليلة بسبب تلك الدوائر المطاطية، وطلب بعض الأهالي إعادة نظر المدارس في السماح باستخدامها في الملاعب، لأنها قدد تتسبب بأذى.
ويطلق على تصاميم الأساور عدة تسميات من بينها «راديكال رينبو»، «بيتال تشاين» و«غراند إلوجن» و«فيش تايل»، وكل هذه التصاميم تعتمد في تنفيذها على الخبرة العالية، وهناك نسبة كبيرة من الصغار الذي يستعيضون عن النول من خلال استخدام أصابعهم أو الأقلام، ويمكن الاستعانة بالأفلام التوضيحية على شبكة «يوتيوب» وبعض المواقع الإلكترونية لتعلم كيفية نسج تلك الدوائر البلاستيكية وتحويلها إلى أساور جميلة يمكن التحكم بقياسها، كما أنه من الممكن صنع خواتم وملابس منها أيضا.