حرفة سف الخوص في الكويت قديما

خوص

تميز اهل الكويت قديما بمهن وحرف يدوية عديدة اتقنوا فنونها واظهروا مهاراتهم في انتاجها فاشتهروا بها ومنها مهنة (سف الخوص) او صناعة السلال التي اقترنت بذكريات الماضي الجميل كصناعة السفن وصيد اللؤلؤ والتجارة عبر البحر.وارتبطت مهنة (سف الخوص) قديما بتوافر المواد الاولية والخامات الداخلة في منتجاتها كالعشب وليف وسعف النخيل وكانت تقوم على تضفير الالياف او نسجها او جدلها في اشكال مختلفة من دون استخدام اي آلات.

وكان الكويتيون يفصلون ورق السعف عن الجريد (العصا) قبل ان يجف وهو في اعلى النخلة وكان يتميز بلونه الابيض ويسمى بالخوص الأبيض ثم ينقع في الماء مع اللون المطلوب الذي يختاره الزبون ويكون هذا الوان عبارة عن صبغة على شكل مسحوق ثم يتم غلي الخليط لمدة ساعتين يترك بعدها تحت اشعة الشمس ليجف وتصبح اوراقه جاهزة للسف.وتعد (السفرة) وهي مفرش الطعام من اهم منتجات الخوص وتكون عادة كبيرة الحجم ومستديرة الشكل اذ يصل قطرها الى اربع اقدام وتحتاج الى نحو 30 الى 50 مترا من الخوص وتعتمد الكمية على الحجم المطلوب للسفرة والتي كانت تصنع بجودة تسمح لغسلها بمياه البحر المالحة دون ان تتلف كما كانت تستخدم في تجفيف الروبيان والجراد وبعض الاعشاب.

ومن اشهر منتجات الخوص ايضا لدى اهل الكويت (المهفة) او المروحة اليدوية التي كانت تستخدم في فصل الصيف لتحريك الهواء امام وجه مستخدمها لمنحه شعورا بالبرودة كما تستخدم في زيادة الهواء على المواقد التي تستخدم الفحم او الحطب لزيادة اشتعالها وهي مازالت مطلوبة حتى اليوم لهذا الغرض في الرحلات والبرية والمزارع والشاليهات. ولم يكن البيت الكويتي قديما يخلو من سلة (روط) المصنوعة من جريد النخل او اغصان شجر العنب او الرمان وكانت تستخدم لحفظ الملابس او توضع فوق صندوق (المبيت) كما كان مهد الطفل (المنز) يصنع من جريد النخيل.واستخدم الخوص لصناعة (المخمة) او المكنسة التي استخدمت لتنظيف المنازل وكذلك في صناعة (الحصير) وهو بساط منسوج من الخوص للجلوس والنوم ويبلغ طوله حوالي متر ونصف المتر ويتطلب نحو 50 مترا من الخوص لصناعته

.كما استخدم الخوص لصناعة (الملالة) وهي سلة تعلق في حوش المنزل لحفظ الطعام لليوم التالي لتكون بعيدة عن متناول القطط والفئران والزواحف وكذلك (الكاشونة) وهي تشبه السلة وفي غطائها اربعة ثقوب استعملت لحمل الرطب والعنب من السوق بالاضافة الى (المنسف) او الغربال الذي توضع فيه الحبوب ثم تنسف في الهواء لتنظيفها من التراب.ومن الادوات التي كانت تصنع من الخوص (الزبيل) او (الجفير) وهو عبارة عن اناء متوسط الحجم مستدير الشكل يستخدم في نقل التراب والجص والطين و نقل الفواكه من السوق كما يدخل الخوص كذلك في صناعة براويز الصور والمرايا.واستخدم اهل الكويت الخصاف (الميبر) وهو عبارة عن ابرة يصل طولها الى نحو خمس بوصات في خياطة الاشرعة والخياش ويسمى (المخيط) ويستخدم معه خيط من القطن او الليف وبعدها يسف الخوص بعضه ببعض او شبكه او حياكته بطريقة معينة على ان يتداخل الخوص الابيض مع الملون لعمل الزخارف والنقوش.

ولعل من يمارس هذه الحرفة حاليا لا يبتغي منها ربحا ماديا بقدر حرصه على الحفاظ على التراث الشعبي فضلا عن كونها هواية تحتاج الى الكثير من الجهد والصبر.وفي هذا الصدد قال المواطن فيروز ياقوت سالمين احد محترفي هذه المهنة لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الخميس إن المشغولات التراثية المرتبطة بالخوص التي يقوم بصناعتها تعرض في مختلف الفعاليات والمعارض الدولية الخارجية.واضاف سالمين الذي يعد الشخص الوحيد في دولة الكويت الذي يمارس مهنة (سف الخوص) حاليا أنه لا يهدف الى تحقيق ارباح من وراء تلك الحرفة انما يسعى للحفاظ على التراث الكويتي مبينا ان هناك مواطنين كثيرين يقبلون على شراء منتجات المشغولات التراثية كونها تحمل عبق الماضي الجميل وتستخدم في تزيين المنازل.

ورغم دخول الالات الحديثة في صناعة اثاث المنزل والمطبخ وتطور المواد التي تستخدم لتظيم المنازل وحفظ الطعام فان بعض الأدوات مثل (الحصران والزبلان والمهاف والمكانس اليدوية والسفر) المصنعة يدويا حافظت على جاذبيتها كمواد تراثية لا تخلو منها المنازل مع ندرة المهتمين بصناعتها.