الفرضة في الكويت قديما

الخليج العربي

يقع ميناء الكويت القديم وكان يشار اليه بالفرضة غربي مبنى قصر السيف القديم مباشرة وهو يتوسط مدينة الكويت القديمة يقابله من الجنوب مباشرة سوق التجار وهو من اقدم الاسواق التي اتخذها تجار الجملة مقرا لهم لتوزيع ما يصلهم من بضائع عن طريق البحر الى بقية الاسواق كما توزعت مخازن التجار خلف محالاتهم في ذلك السوق وكان الخيول تقوم بنقل البضائع من المخازن الى دكاكين تجار التجزئة في الاسواق الاخرى، وبدأ ميناء الكويت منذ منتصف القرن السابع عشر يكتسب اهمية متزايدة نظرا لموقعه الجغرافي المتميز وبعده عن تأثيرات الدولة العثمانية والدولة الفارسية وعدم خضوعه للضرائب المرتفعة التي كانت تفرضها تلك الدول وبعده عن الصراعات السياسية والعسكرية التي انتشرت داخل الدولة العثمانية بين الولاة والحكام في مختلف الولايات وكذلك بين الدولة العثمانية والانكليز على مناطق النفوذ ما ادى الى نتائج سلبية على الدولة العثمانية من الناحية السياسية والاقتصادية.

وبرزت الكويت كمركز تجاري مستقل لا يخضع لنفوذ الدول المتصارعة في المنطقة مع بادية القرن الثامن عشر حيث شهدت تلك الفترة ازدياد نفوذ دول اوروبا في المنطقة بعد ان انتشرت مكاتبها التجارية في العديد من المدن العربية الخاضعة للدولة العثمانية بالاضافة الى المدن الفارسية في الخليج بهدف تنمية وتشجيع التجارة لدولها والشركات التابعة لها، وكانت البصرة تعتبر الميناء العثماني الرئيس الذي تمر من خلاله القوافل التجارية التي كانت تنقل البضائع من الهند الى اوروبا وبالعكس كما ان ميناء بوشهر كان من اهم المراكز التجارية لفارس في الخليج. وفي بداية القرن الثامن عشر ايضا بدأت سفن الكويت بنقل البضائع بين البصرة والخليج العربي ومرافئ ايران والهند وسيلان وموانئ شبة الجزيرة العربية وشرقي افريقيا، كما اكتسبت الكويت شهرة كبيرة كمحطة للقوافل المسافرة بين حلب وشرقي الجزيرة العربية منذ منتصف القرن الثامن عشر او حتى قبل ذلك، وكانت القوافل المارة بالكويت تحمل معها بضائع الهند التي كانت تصل الكويت على السفن الكويتية بالاضافة الى الركاب القادمين من الند او جنوبي الخليج والمسافرين الى حلب، فق روى د. «آيفز» الذي كان قادما مع رفاقه من الهند عام 1758 في طريقه الى اوروبا الذي رسا مركبه في جزيرة خرج ونزل في ضيافة رئيس الوكالة التجارية الهولندية هناك البارون «كبنهاوزن» ان البارون «كبنهاوزن» اشار اليه ان يتوجه باحد القوارب الى الكويت ومن هناك يستطيعون السفر بسرعة مع القوافل المتجهة الى حلب، واضاف البارون ان شيخ الكويت صديق عزيز عليه وان القافلة ستقطع المسافة بين الكويت وحلب في مدة تتراوح بين خمسة وعشرين او ثلاثين يوما وبذلك يختصرون زمنا يتراوح بين اسبوعين الى اربعة عما لو ارادوا السفر عن طريق شط العرب فالبصرة فبغداد فحلب.

وكانت صناعة بناء السفن الشراعية والزوارق قد ازدهرت حتى صارت الكويت تزود بلدان الخليج الاخرى بها في القرن التاسع عشر، واختلفت انواع هذه السفن وحمولاتها وقدر عددها الرحالة نيبور عندما زار الكويت عام 1765 بثمانمئة مركب ويبدو ان سفن الكويت كانت ترسو في مسقط في طريقها الى الهند في تلك الفترة الا انها توقفت عن ذلك واخذت تبحر مباشرة الى الهند في الربع الاخير من القرن الثامن عشر ومنها الى موانئ الخليج الاخرى وذلك لتجنيب دفع الاتاوات لسلطان مسقط، وكان اسطول الكويت آنذاك يعتبر ثاني اسطول لنقل التجارة في الخليج بعد مسقط كما كانت السفن التجارية تنقل البضائع من البحرين والزبارة الى الكويت لنقلها من هناك على ظهور الجمال الى حلب او بغداد وذلك لتجنب المكوس الباهظة التي كانت تجبى عليها في البصرة، وعلى هذا فانه يبدو ان النجاح التجاري للكويت آنذاك كان يعتمد على حد كبير على التجارة العابرة.

النهار